إن كلمة إيروس تستعمل عادة للإشارة إلى الحب الجسدى و هى تشير فى المضمار الجنسى إلى معانى العشق الحسى العنيف و التمركز الذاتى و الانانية و التهور و الاندفاع و التلهى , و الرغبة فى الهروب من المسئولية و الإلتزام , و هى تحدى لقصد الله من الإنسان إذ يصبح الإنسان فى العشق شئ يُمتلك أو يُسعى إلى امتلاكه و ليس شخصا على صورة الله و مثاله يُحترم و يُقدر و يُحب لكيانه دون النظر إلى ما يملكه
لنبحث الآن هل حب الذات و عشقها أمر غير سليم ؟
ثم ما معنى أن العشق يتسم بالأنانية و عدم المحبة ؟؟
و هل العشق قادر أن يشبع الإنسان و يزيل منه العزلة و الفراغ العاطفى أم لا ؟؟
عشق الذات
إن أول صورة يعرفها الإنسان من صور الحب هى حبه لنفسه , و إذا تصورنا إنسان لم يشبع فى طفولته نفسيا حتى تتكون ذاته تكوينا سليما , أو إنسان يحقد على نفسه و يود لو تخلص من حياته ... مثل هذا الإنسان لا يستطيع أن يحب الآخرين لأن الكتاب أوصانا " تحب قريبك كنفسك " والذى لا يستطيع أن يحب نفسه كيف يمكنه أن يحب الآخرين ؟؟ فاقد الشئ لا يعطيه
و معنى هذا أننا لا نتوقع أن نجد إنسان محب للغير إلا إذا كان قد تملك ذاته أولا تماما و بكل حريته و فرحه و بملء إرادته يقدمها على مذبح التضحية و البذل ليتحرر من عبوديتها و أسرها , و هذا معنى " من أراد أن يخلص نفسه يهلكها " فالإنسان الناضج روحيا و نفسيا يرى ضرورة أن يتجاوز نفسه حتى يستطيع أن يندمج مع العالم الخارجى ... عالم الغير , المتسع الأبعاد , المملوء بذلا و حبا و خدمة
و إذا كنا اعتبرنا حب الذات صورة ناقصة من صور الحب , كل من يحبس نفسه داخلها يصير سجينا ... فهناك سؤال مهم و هو هل يستطيع الإنسان أن يجد فى الموجودات مجالا للخروج من هذا الحبس و القضاء على العزلة القاتلة ؟؟
عشق الموجودات
إن الموجودات لا تستطيع أن تحول حب الذات إلى حب حقيقى , لأن الحب الحقيقى لا يكتمل إلا فى الآخر , و الآخر هو الذى يقضى على العزلة و ينتزع النفس من الأنانية المرة
إن أنا أحببتك أنت لا لشئ آخر سواك فإنى أحبك , و لا أكون بعد فى سجن النرجسية , و لكن ان أنا أحببتك لشئ ما معك أو فيك فإنى لا أحبك . و لكنى أتلامس مع أشياء تزيدنى عزلة و تُعمِق لدى الإحساس بالفراغ , لأن الآخر لم يدخل إلا ليحقق الوحدة المنشودة و هى أن واحد + واحد لا يكونان اثنين و إنما وحدة واحدة تملأ الفراغ و تفجر ينابيع الحب فى قلب المحبين حقيقة
و أخطر ما تعمله الحضارة المادية التى نعيش فيها هو تحويل الإنسان إلى شئ , و جعل الأفراد مجرد موضوعات أو أشياء أو أرقام , لقد أفرغت الحضارة المادية الإنسان من سره الداخلى , من ملئه الروحى و النفسى , و اكتفت باحتسابه رقم بين ملايين الأرقام و ترس بين ملايين التروس فى آلة المجتمع الكبرى
أما الله فى الجنة فقد خلق آدم شخصا يصنع معه حوارا و جبل منه حواء شخص معين نظيره , فالعلاقة الحية التى تقوم على التبادل و التجاوب و التى بها الأخذ و العطاء , و التى فيها أحيا أنا بحياة الآخر و يحيا الآخر أيضا بحياتى ... مثل هذه العلاقة الإنسانية هى أساس قيام الحب الإنسانى و باختفائها يختفى الحب الحقيقى ليوجد حب الذات فى صوره المختلفة
العشق أنانية
لا شك أن العشق نمط أنانى لأن العاشق لا يحب الآخر و لكنه يحب نفسه ... و هو يتصور وجود ذاته فى المعشوق , و طالما كانت هذه الصورة قائمة بقى العشق , و عندما تتحطم هذه الصورة يتحطم معها كل ما فى العشق من إندفاع و مشاعر فائرة و إنفعال عنيف
إن العشق تمركز ذاتى , فالعاشق يتصور نفسه مركز الدائرة , و يريد أن يدور المعشوق فى فلكه
و العشق أو الإيروس يقوم على التهور و الإندفاع و الانفعال العنيف و هذا ما نلمسه فى سلوك المراهقين فى المرحلة الثانوية عندما يتصورون أن مثل هذا النمط حبا .الحب ليس اندفاع أو انفعال أو تهور و إنما هو بذل ... فيه الوقار كما فيه الحماس , فيه الاتزان كما فيه السرور و الابتهاج , فيه التعقل و الاستقرار كما فيه الوفاء المتبادل ... لذلك لا نتوقع من نفسية ثائرة مندفعة غير مستقرة لم تنضج بعد , أن تحب حبا بالمعنى الروحى و النفسى السليم ... و من أجل هذا تنصح الكنيسة المراهقين ألا يدخلوا فى مجالات العلاقات العاطفية لأن ميعادها لم يات بعد , إذ أن الإنسان لا يستطيع أن يحب إلا إذا كان قد انتهى من قضية أنانيته و تخلص من كل انحراف أو تهور أو ضعف شديد يمنع فعل البذل و التلاقى على مستوى المسئولية و الوفاء
فالحب فى نظر المسيحية ليس هو الهوى العنيف الذى يتخذ من الآخر واسطة أو مناسبة لزيادة احساسه بالحياه أو تحقيق أمله فى السعادة , و إنما هو اتجاه غيرى ينحو نحو الآخر لكى يعمل على خدمته و يسهم فى تحقيق سعادته و يشترك معه فى تثبيت دعائم ملكوت الله على الأرض
سنتحدث فى المقال القادم عن تكملة العشق , و العشق الأفلاطونى الرومانسى , و نجيب على سؤال لماذا لا يُشبع العشق الإنسان ... تابعونا
لا شك أن العشق نمط أنانى لأن العاشق لا يحب الآخر و لكنه يحب نفسه ... و هو يتصور وجود ذاته فى المعشوق , و طالما كانت هذه الصورة قائمة بقى العشق , و عندما تتحطم هذه الصورة يتحطم معها كل ما فى العشق من إندفاع و مشاعر فائرة و إنفعال عنيف
ReplyDeleteإن العشق تمركز ذاتى , فالعاشق يتصور نفسه مركز الدائرة , و يريد أن يدور المعشوق فى فلكه
تمام