Monday, 9 August 2010

العشق الأفلاطونى الرومانسى


 
يدخل هذا النوع من الحب ضمن مفهوم العشق الإيروسى , ذلك النوع من  الحب الخيالى الأفلاطونى الرومانسى الذى فيه يخلع المحب على المحبوب صفات مثالية , و يتصور فيه نموذجاً لا يقترب منه الزلل , و يعيش فى هذه الصورة الكاذبة التى رسمها لنفسه , و يسعى إلى أن يقترب من المحبوب الذى رآه ... لا كما هو بل كما يريد أن يراه

ذكرت إحدى الدراسات المتعمقة للمراهقة أن غالبية المراهقين يلجأون إلى الحب و الجنس كى يرووا ظمأ عاطفى ليس إلا ... إنهم أرادوا أن تكون لهم شخص الحبيبة مادة يغذون بها عاطفتهم و شعورهم

و إن تحليل الحب العذرى الأفلاطونى الرومانسى لا يزيد عن كونه تأثرات جنسية تمتزج بالتأثرات الدينية و التحريم الجنسى فى المجتمع , مع بعض من آثار العلاقات العاطفية فى الأسرة , فإذا بهالة من التقديس و الإبهام تغلف شعور الفرد نحو الجنس الآخر

و يشتد هذا النوع من الحب عند المراهقين الذين تربوا تربية دينية تؤكد الفصل بين الروح و الجسد و تمام الخصومة بينهما , فإذا بالمراهق يحاول أن يجرد تفكيره فى من يحب من النظرة الجنسية البيولوجية ,  يحاول أن يتسامى بعاطفته عن الاشتهاء الجنسى و لذة الجسد ... على أنه عندما ينضج تستقر عواطفه و يختار شريكة حياته على أصول و أسس كلها نضج و رشد و اكتمال

و رجال علم النفس يعتبرون هذا النمط من الحب نوعاً من التخلف فى النمو الجنسى , إذ لابد للمراهق أن يتجاوز هذه الرومانسية ليحيا فى الواقع و يتعامل مع الآخرين كما هم و يحب الآخرين كما هم لا كما يتصورهم

إن العاشق الأفلاطونى هذا إنسان أنانى , لأنه صور الآخر إلهاً لكى يتملكه و يتأله هو بهذا الامتلاك ... إنه لا يقبل المعاناه التى فى الحب , و لا يطيق التعرف على العيوب و النقائص التى فى المحبوب , لأنه غير ناضج و غير قادر أن يحمل عيوب الآخر , إذ هو يريد من الآخر أن يحمله و يزيده ثراء بالمثالية التى تصورها فيه

أما الحب الذى أوصى به الرسول بولس " فليحب كل واحد امرأته .. " ( أفسس 5 : 33 ) فهو حب من نوع آخر , إنه نوع يحتمل النقائص بل يراها علامة من علامات الحياة الانسانية , و لا ينزعج للضعفات بل يراها مجالا من أخصب مجالات النمو فى المحبة و تعميق ربط الحب الحقيقى

العشق لا يشبع

و هل يستطيع العشق أن يشبع الإنسان و يروى حياته الداخلية و يزيل منه العزلة و الفراغ ؟؟

قد يقول أحد الشباب المنغمس فى العشق الجسدى أنا سعيد بما أنا فيه , و حالتى أحسن من زميل لىّ مواظب على الاجتماعات الروحية و ممارسة وسائط النعمة ... قد يبدو هذا صوابا و لكن فى المظهر فقط , فأنت تضحك يا عزيزى و هو يبكى , و أنت تهزل و تملأ الدنيا ضجيجا و هو صامت مشغول بالصلاه من أجل خلاص نفسه ....... و لكنك أيها العاشق الساعى وراء اللذة و المتعة , ماذا سيكون حالك لو أنك جلست مع نفسك جلسة هادئة و طويلة حتى تتمكن من اكتشاف أعماقك و داخل كيانك ؟؟ أراك لا تطيق هذه الجلسة لأنك عابث لا تعرف للعمق معنى ... تعيش على السطح و القشرة و تكتفى بالمحسوسات و اللذة الخيالية و لا تريد أن تدخل إلى العمق و الثراء فى الكيان الداخلى الحقيقى

لماذا لا يشبع العشق الإنسان ؟؟؟

المحاولة الحقيقية للتغلب على العزلة لا تكون إلا بالاتحاد الروحى , و الحب حقا هو أفضل الوسائل للإنتصار على العزلة لأنه هو الوحيد القادر على تحقيق الاندماج الكامل مع كائن آخر

و لما كان العشق و الحب الجسدى هو التقابل مع الآخر على المستوى الجسدى دون الانفعال الروحى , فإن مثل هذا النوع من الحب لا يشبع الإنسان لأنه لا يقضى على العزلة و الفراغ الداخلى , فالإنسان ليس جسداً فقط و إنما هو روح و جسد ... لذلك نقول أن الحب يفرح بالتلاقى فى الانفعال الجسدى , لكنه لا يتحقق إلا بالانفعال الروحى

لهذا ... كل من يشرب من ماء العشق الجسدى يعطش , أما من يشرب من ماء الحب الحقيقى لن يعطش إلى الأبد

فى المقال القادم سنتحدث عن الحب و الصداقة بين الجنسين !!! فتابعـــونـــا

No comments:

Post a Comment