الزمالة
هناك صداقة الدراسة أو العمل و هى التى يطلق عليها الزمالة , و هذه تختلف عن الصداقة الجنسية التى تتميز بالتخصص ( تخصيص فرد واحد للتعامل معه من الجنس الآخر ) و انشغال الفكر و الوجدان بموضوع الصداقة
أما الزمالة الطاهرة فهى التى ترفض التخصص . و تبادل العواطف بطريق أو آخر أمر يمارسه المسيحى فى حياته الدراسية و المهنية دون أن يكون هناك خطر ما , بل هو دليل على صفاء شخصيته و عدم انحرافه و خلوه من العقد الجنسية الداخلية
و هكذا بدلاً من أن ينظر الشبان إلى الفتيات نظرة سطحية تقوم على الإغراء الجسدى و التفاهة العقلية و الجمود الروحى , فإنهم ينظرون إليهن على أنهن زميلات و صديقات . بينما تستجيب الشابات اللاتى اُحسنت تربيتهن لهذا و يستطعن أن يعرفن الشبان معرفة تتسم بالأمانة و الطهارة
و المسيحى المخلص لعفته يحرص على أن تبقى علاقات الزمالة فى إطار العمومية و طهارة الفكر و نقاوة القلب وبساطة العين , و فى إطار العمل المشترك الهادف دون أدنى ممارسة لعمل من أعمال الظلمة , حتى لا يُدان من جهة ضميره أو ينزلق إلى هاوية العشق و صداقة اللذة
صداقة اللذة
هناك صداقة اسمها صداقة اللذة , و هى صداقة أنانية , هوائية , سريعة التحول , سهلة الانقلاب ... هذه يسميها بعض الشباب الحب !!! لكنها فى الحقيقة مجرد اندفاع عاطفى يستند إلى الرغبة فى التمتع و البحث عن الملذات دون أن تكون له أيّة صبغة دائمة أو أى مظهر من مظاهر الاستقرار
و هناك بعض الشباب ينادون بالحرية فى إقامة الصداقة بين الجنسين قبل الزواج ... و هم يستندون فى وجهة نظرهم هذه إلى أن صداقاتهم بريئة و ليس فيها أدنى انحراف جنسى , و أن مثل هذه الصداقات تشبع الميول الداخلية و تسمو بالدوافع الجنسية , و أن العلاقات البعيدة عن الانحراف الحسى ضرورية حتى يكتشف كل واحد الآخر , لعله يجده متكافئا معه نفسيا و روحيا , فيقبل على أن يكون شريكا للآخر فى الحياة الزوجية
تعالوا نناقش هذه الآراء باختصار
عندما نبحث شروط الحب الحقيقى ( سنتحدث عنها بالتفصيل فى مقالات قادمة ) سنرى أنه يشترط فيه تحقيق الإلهام و الحرية و النضج و الالتزام الزوجى ... و إذا طبقنا هذه الشروط على العلاقات العاطفية بين الشاب و الفتاه قبل الزواج نجدها غير متحققة
فالشاب الذى يصادق فتاه لأجل أن يختبرها , و يعيش معها فترة ثم يتركها ليكتشف غيرها , إنما هو عابث يتلهى بالصداقات كما يتلهى الطفل بالحلوى و الفاكهة ... و هو لن يشبع لأن الشبع الحقيقى هو فى القضاء على العزلة , و هذا لا يكون إلا بالحب الذى يتجه أولا بالذات نحو القرار الباطنى العميق لذلك الآخر الذى يبغى النفاذ إليه
و الشاب فى مرحلة التلمذة ( الثانوية أو الجامعية ) لا يكون قد اكتمل نضجه نفسيا و بدنيا وفكريا ... و هذا يجعله فى أغلب الأحيان متذبذبا فى أفكاره , غير مستقر فى مشروعاته , هوائى إلى حد كبير فى علاقاته , تحركه العواطف و المشاعر و الانسجامات النفسية أكثر مما يقوده الفكر الرصين و الالتزام الأمين و التعهد الواعى و الوفاء الحقيقى
و الشاب الذى لم يصل بعد إلى مرحلة الزواج غير متمتع بحريته الكاملة ... فهو ليس حراً اجتماعيا لأنه مرتبط بارتباطات عائلية و اجتماعية كثيرة , و هو ليس حر ماديا لأنه مرتبط بالتزامات مادية كثيرة تحول بينه و بين التنفيذ العملى للزيجة
هكذا رأينا أن شروط النضج و الحرية و الالتزام غير متوفرة تماماً فى علاقات الصداقة الجنسية التى تقوم بين الشبان و الفتيات قبل الإقدام الفعلى على الزواج
أما عن الإلهام فهو اكتشاف روحى يحدث للمؤمن عندما يتأكد أن الله قد أعلن له عن شريكة حياته بإعلان باطنى واضح , و أن هذه الفتاه لا ينجذب لها عاطفياً فقط , و إنما على مستوى الحب الحقيقى
لهذا ترفض الكنيسة أى علاقة شخصية بين الشاب و الفتاه قبل الوصول لمرحلة الخطوبة و الإعداد للحياة الزوجية
الشاب المسيحى لا يتعجل و لا يطلب أن يستولى على قلب فتاة بطريقة بشرية , و إنما هو يريد أن يستلمها من يد الله و ليس من يد إنسان . إن المحبة تلزم الشاب ألا يؤذى عفاف الفتاه و حشمتها و وقارها , و لهذا فهو يرفض أى مسلك يخرج به عن هذه الحشمة و هذا الوقار
و الشاب المسيحى لا يحزن إذا وجد الفتاه التى فكر فيها يوماً قد تزوجت بغيره , فهو كمحب يفرح لراحة الآخر , و كمؤمن يثق أنها لم تكن مختارة له شخصياً
و الشاب المسيحى لا يجرى وراء العلاقات العاطفية ظنا منه أنها تُكسبه خبرة و دراية بالعلاقة التى يلزم ان تكون بين الزوج و الزوجة , لأنه حريص على أن يُبقى انفعالاته النفسية مرتبطة بانفعاله الروحى , و هذا يجعل شخصيته متكاملة نامية قادرة على أن تعبر عن إخلاص الحب و صدق العفة التى فى حياته
دعونا نتأمل فى المقال القادم فى سؤال مهم ... هل الشفقة و العطف على شخص من الجنس الآخر تعتبر حب ؟؟؟ تابعونا