الحب الزوجى له قدرة الإنتصار على الموت , كما ذكرنا سابقاً ... يحوّل الزمنى إلى خلود و الزائل إلى باقى
فإن كان الحب الزوجى يدوم إلى الأبد , فما معنى قول الرب فى جوابه على الصدوقيين إنهم فى ملكوت الله لا يزوجون و لا يتزوجون ؟؟ هل يعنى هذا أن الزواج بكل وجوهه سيختفى ؟؟
الحقيقة أن ما له علاقة بالعالم المادى سيختفى ( مثل الإتصال الجسدى ) , هذا لن يستمر لأنه يصبح غير ذى موضوع إذ أن عدد المختارين يكون قد كمل , و بهذا لا يكون هناك معنى للتناسل ... و لكن الذى يبقى فى الدهر الآتى الحب و الشركة الباطنية ... إذ أن جميع أسرار الكنيسة ستختفى منها علاماتها الخارجية , و لكن تدوم فاعليتها الباطنية ... ففى الزواج يختفى الشكل و يبقى المضمون
يقول جابرييل مارسيل ( فيلسوف فرنسى و مفكر ) : متى قلت إنى أحبك فمعناه أنك لن تموت
و يرتبط بديمومة الحب و بقائه و استقراره الوفاء الزوجى الحقيقى . و هو نوع من الحياة , فيه يخلص كل شريك للآخر على أساس من الوئام و التفاهم و النية الصادقة القوية و المحافظة على الرابطة المقدسة جسدياً و روحياً ... هذه التى تجعل الزواج وحدة متماسكة متضامنة الأطراف ... و لا نقصد بالوفاء ذلك النوع المزيف أو السلبى الذى فقد روح الإخلاص و اكتفى بالحياة الشكلية و الرابطة المظهرية التى تبدو أمام الناس طيبة و هى تحمل فى طياتها نوع من النكد و التبرم و الكراهية و عدم التقدير و الأغلال و الموت
فالشعور الذى يربط الزواج هو الشعور بأن كلا منهما للآخر لا بأن الواحد هو ملك الآخر , الشعور بأن الاثنين مكملان لبعضهما البعض , و تنمو شخصية كل منهما فى جو من الحب و الألفة و المودة و الحياة الزوجية ... هذه الوحدة التى نسميها بحق وحدة الحب الزوجى
الحب الزوجى أسمى من كل الفنون و العلوم فى إشباع النفس البشرية ... فالفنون و العلوم و إن أرضت متطلبات خاصة للنفس البشرية , و سدت فراغ الحاجات المؤقتة إلا أنه من الواضح أنها لا تضفى مضموناً مطلقاً له اكتفاء ذاتى على الشخصية , و بالتالى لا تتطلب خلودها
الحب وحده هو الذى يتطلب هذا الخلود و هو وحده الذى يستطيع بلوغه
و الحب الزوجى هو حب على مثال حب المسيح للكنيسة .... و هو ما سنتكلم عنه بالتفصيل فى المقال القادم